تعكس التغييرات الكبيرة التي شهدتها الإدارة الإقليمية عموما وولاية الحوض الغربي خصوصا سعي الحكومة إلى إحداث تغيير كبير وإضفاء ديناميكية تتسم بالحيوية ، وتبعث نشاطا إداريا يستجيب للأحداث السياسية المقبلة بالولاية ويهيئ الأرضية المواتية لسباق انتخابي قد يكون الأقوى في تاريخ المشهد السياسي الوطني بشكل عام ، وفي ولاية الحوض الغربي بشكل أخص .
فبعد تعيين الوالي في الشهر الماضي ، هاهي أطراف الإدارة المحورية تشهد هذا التغيير الذي طال الديوان وحكام أربع مقاطعات من مقاطعات الولاية الكبيرة .
وحين نقرأ السياق الذي جاءت فيه هذه التغييرات فإن المعطى السياسي فيها سيسيطر على التفكير في حدوثها.
فبعد التشاور الذي قادته الداخلية مع الأحزاب السياسية ، وتوصل تلك الأطراف إلى بنود شكلت نقاطا إيجابية للأطراف المتحاورة ، وقبل الإفراح عن التشكلة النهائية لللجنة الوطنية للإنتخابات ، أراد صناع القرار ترتيب الإدارة الإقليمية وتهيئة المناخ الإداري لقراءة الساحات السياسية بتفاعلاتها وتأثيرها ومستوى تأثرها بإخفاقات الحكومات في جهد البناء والتنمية التي يتطلع المواطنون إليه ولم يجدوه ، وحالت دون تحقيقة بعض العراقيل شكلت عائقا أمامه .
إن دور هذا التغيير هو معرفة الولاة والحكام الواقع على مستوى الأقاليم التي عينوا عليها وإدراكهم مايؤرق الساكنة ، ومحاولة إيجاد حل يشكل ترضية مؤقتة لساكنة أقل مايقال عنها إنها ساكنة أصبح الواقع يزعجها وغير راضية عنه ، وهذا بالطبع ناتج عن تقصير ما ، لابد من وجود تفسير له يقنع الناخب الذي قد يعكس غضبَه في معاقبة الحكومة من خلال هزيمتها في الانتخابات المنتظرة ، وهو ماتسعى الحكومة جاهدة إلى التخفيف من حدته ، ومعالجته قبل استفحاله ، وصعوبة السيطرة عليه ، وذلك عن طريق ترضية قد تتجلى في مظاهر متعددة ، وحلول ءانية سبق وأن جربتها خلال فترات سالفة وءاتت أكلها.
إن المشهد السياسي بولاية الحوض الغربي معقد شيئا ما وتتنازعه أطراف تنتمي إلى توجه سياسي واحد على مستوى الحزب الحاكم ، لكن ءاخر ماتفكر فيه تلك الأطراف هو اجتماعها على كلمة سواء ، توحد تلك الجهود المتشرذمة ، لأن أنا التزعم هو الطابع المشترك بين كل بينها جميعا، وتنتج عن هذا بالطبع صعوبة اختيار مرشح توافقي للاستحقات القادمة ، وهنا يدخل دور هذا التغيير الذي ستعلب الإدارة من خلاله دور الوالي والحاكم المستقل الذي يقرب وجهات النظر بين الجميع ويسعى إلى حصول توافق يجنب الأطراف السياسية ، والأقطاب الفاعلة ظاهرة المغاضبة التي حصلت في انتخابات 2013.
إن عملا كهذا قد يكون سهلا من الناحية النظرية ، ولكنه في الواقع عمل يتسم بالصعوبة لعمق الخلاف وتجذره بين المكون السياسي الحوضي الغربي .
لذا فإن تغيير الإدارة الإقليمية على مستوى الحوض الغربي تغيير جاء لقراءة الساحة برجال لم تلوثهم معرفة الأقطاب ولا التيارات بعد ، مما يمنحهم الفرصة لفرض رأي أو تقرير مصير .
وحسب الآراء التي رصدناها من خلال سؤالنا الذي طرحناه على بعض قاطني الولاية والذي جاء بصيغة :
هل ستكون لهذه التغييرات فوائد على مستوى الخدمات وتقريبها من المواطنين ؟
أم أن التغيير جاء لخدمة اجندات النظام ورؤاه التي يتبنى من خلال التركيز على السياسة ؟
كانت الإجابة المتواترة هي أن ءاخر من يستفيد من هذا التغيير هو المواطن ، وأن المواطن لايشكل أولوية مطلقة على الاقل في هذا الظرف في أي تغيير ، والشواهد ماثلة للكل حسب تعبيرهم .
فهل يعكس عمل الإدارة الجديدة وتوجهها تطلع الموطن وترجِّيه ؟
أم أن ماكان باق على ماكان دون تغيير مشهود؟
أسئلة تجيب عليها الأيام القادمة.