ودعت ولاية الحوض الغربي عموما ومقاطعة الطينطان على وجه أخص الشريف الفاضل ، الكريم بن الأكرمين المغفور له بإذن الله تعالى الطيب ولد سيد ولد اشريف أحمد ولد محمد بونا ، عرف الراحل بدماثة الأخلاق ، والقرب من الكل ، وبذل المعروف للجميع ، عرفه من سبر أغوار السفر ، وحطمت الغربة كبر ياءه بحثا عن كسب رزق ، أو تحصيل عيش .
عرف الفقيد بعون الضعيف وقضاء دين المعسر ، ومساعدة ابن السبيل ، فكم رحالة حطت به أقدار السفر أدغال إفريقا مشدوه البصر ، حيران يضرب أخماسا بأسداس ،تقطعت به السبل ،لازاد ولامعين لديه ، تلقاه المغفور له بإذن الله باسم الثغر جميل المحيا، مهللا ومرحبا ، فيتحول بين عشية وضحاها عسره إلى يسر ،وترحه إلى فرح ،وحزنه إلى مسرات ، وحيرته إلى بصيرة ، تفتح أبوب الطموح أمامه ، ومضامير سباق النجاح لأمله الذي ءامن به .
رحل رجل عرفته محيطات القبائل الأخرى قبل أهله ، وقبيلته قبل أسرته ، وصحبه قبل إخوته .
تراه إذا ماجئته متهللا @
كأنك تعطيه الذي أنت سائله @
كرمه سجية ، وعطاؤه دون منة ، وإكرامه للضيف خلة لاتطبُّعَ فيه ولا تصَنُّع ، جمع خصال المحامد وشمائل المعروف.
وبرحيله تصدع جدار النَّوال ، وسقطت أنجم الإحسان ، وبكت أرملة حل لها محل المعيل، وصاح يتيم سد له فجوة الأب، وتوجَّعَ مسكين قام له مقام المال، وحار فقير كان نواله له فرجا، وخبا نور المودة والإحسان.
ونحن إذ نتألم لرحيل هذا الشريف الفاضل وأمثاله ، نرجو الله تعالى له المغفرة والرحمة ، وان يتقبله من عباده المحسنين مع النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين .
وعزاؤنا لأنفسنا قبل ذويه ، ولمعارفه قبل أهله .
وإنا لله وإنا إليه راجعون.