لم أر أقوى شخصية وأكثر صرامة من بين عمال الدولة في "تطبيق القوانين"؛ سوى الحراس عند أبواب المصالح الحكومية والمستشفى الوطني على سبيل المثال. بيد أن شخصياتهم تصبح أكثر نعومة من المناديل الورقية بمجرد مصافحتهم بيد منكمشة. رغم أنني لم أجرب ذلك؛ احتراما للتباعد الاجتماعي وأشياء أخرى..
تنقسم الرشوة في البلاد لأنواع عدة:
- الرشوة بالجاه والقرابة والمعرفة
وكلمتها السحرية هنا: "جايك من عند فلان"..
- الرشوة بالمال
وهي الأكثر شعبية والأسرع وصولا إلى وجهتها. وتتباين قيمتها حسب نوعية الخدمة ومركز المرتشي. تبدأ قيمتها عادة من 20 أوقية وحتى عشرات الملايين..
- الرشوة بالمنصب
وتتباين حسب نوعية المنصب. وهرمها يجلس عليه كبراء العسكر وعمال الدول السامون والمشاهير ثم يأتي دور الأطباء والمدرسين في أسفل الهرم إن هم لعبوا خارج أماكن تأثيرهم..
- الرشوة بالابتزاز
وعادة يقوم بها الإعلاميون والمدونون ونشطاء التواصل الاجتماعي. يكون نقدهم حادا وشخصيا ودون أدلة واضحة وعندما تتم ترضية الواحد منهم يتحول إلى مقام آخر من الشكر المبالغ فيه، متناسيا أن هناك مواطنيين عاديين لا وسيلة لهم للابتزاز المؤثر ما زالوا يعانون..
- الرشوة الناعمة
وهذه من سمات الجنس الناعم، وهي قوية التأثير، أذكر مرة كنت مع صديق وغاصت سيارته في الرمال، وتعبت أيدينا من التلويح للعابرين من أجل طلب المساعدة دونما جدوى تذكر. ولحسن حظنا غاصت بالقرب منا أيضا سيارة بداخلها أربع سيدات نواعم. وماهي إلا دقائق حتى تحول المكان إلى مهرجان حاشد يغص بالسيارات والرجال وكل واحد منهم يعرض يد المساعدة. واستطعنا أن نقنع واحدا منهم بصعوبة بجر سيارتنا بالحبال.
- الرشوة بالأناقة
ويكفي منها تأجير سيارة جميلة أو تلميع المظهر، فيعتقد المعني الذي لا يقدر الوجود الفيزيائي للإنسان، أن من يقف أمامه؛ من أهل المال والجاه فيحترمه خوفا وطمعا ليس إلا.
- الرشوة بالتحايل والكذب
وهي أن تقوم بصهر بعض الأصناف الآنفة في شخصيتك وكلامك ولابد لصاحبها من موهبة كبيرة للغاية في الإقناع والتمظهر.
خلاصة الكلام:
الرشوة هنا أصبحت منتشرة بشكل كبير والمواطن يتحمل جزء كبيرا منها، لأنه لا يريد أبدا؛ احترام النظام والطابور والأهلية في نيل الخدمة أو الوظيفة بحق. كما أن الدولة تشجعه عن طريق ضعف الرقابة وإشاعة المحسوبية وكل مشتقاتها، حتى بات الحصول على حقك لابد له من تقديم الرشوة للأسف..