حالة ارتباك/ محمد الامين ولد الفاضل

تنبيه : تمت إضافة فقرة جديدة للمقال السابق (بين أحلام الظهيرة وكوابيس الليل)، وهو الشيء الذي استوجب إعادة نشر المقال بعنوان جديد، وأرجو من القراء الأعزاء المعذرة على هذا الارتباك فنحن في هذه البلاد نعيش حالة ارتباك لا نعرف كيف سنخرج منها؟
(1) "قلتها سابقاً وأكررها حالياً، سأحترم الدستور فيما يتعلق بعدد مأموريات رئيس الجمهورية"
الرئيس محمد ولد عبد العزيز في مقابلة مع "فرانس 24" تم بثها مساء السبت ونشرت صحراء ميديا مضمونها يوم الأحد الموافق 1 يوليو 2018.
(2)
دعا وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور سيدي ولد سالم إلى هبة شعبية على عموم التراب الموريتانية، تأييدا لقرار رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز عدم الترشح لمأمورية (ثالثة)، قائلا إن هذا القرار هو "احترام لدستور البلاد".
نقلا عن موقع تكند خلال تغطيته لمهرجان تحسيسي تم تنظيمه يوم الاثنين الموافق 09 ـ 07ـ 2018 في كرمسين.
(3)
"وأن الذين يتحدثون أن رئيس الجمهورية بعد عشرة أشهر أو بعد إحدى عشر شهر أنه ماشي أنهم قطعا يحلمون أحلام الظهيرة وهم واهمون"
الناطق الرسمي باسم الحكومة في حديث مرتبك علق به على نتائج اجتماع مجلس الوزراء المنعقد يوم الخميس الموافق 19 يوليو 2018.
من خلال الفقرات 1 و2 و3 يمكننا أن نستنتج الآتي :
الاستنتاج الأول: أن الرئيس محمد ولد عبد العزيز يحلم أحلام الظهيرة وأنه واهم حسب الناطق الرسمي باسم الحكومة، ويشاركه في الوهم وأحلام الظهيرة وزير التعليم العالي الدكتور سيدي ولد سالم.
الاستنتاج الثاني: أن إحدى الطائفتين : الرئيس ووزير التعليم العالي من جهة والناطق الرسمي باسم الحكومة من جهة أخرى لم تصدق في قولها، ولا أريد أن أقول بأن إحدى الطائفتين قد كذبت كذبة قد بلغت الآفاق. فأي الطائفتين لم تصدق في قولها؟ ذلك سؤال يجب أن يطرح على الوزير الناطق باسم الحكومة في أول مؤتمر صحفي قادم.
الاستنتاج الثالث : وهذا استنتاج غير مباشر، وهو الاستنتاج الأهم، ويقول هذا الاستنتاج بأن سبب هذا التناقض الملاحظ في الفقرتين 1 و2 و3 هو حالة الارتباك التي يعيشها النظام، والتي ستزداد ظهورا كلما اقتربنا من العام 2019.
حالة الارتباك هذه ناتجة عن بعض التناقضات التي يعيشها النظام الحاكم والتي يمكن أن نجملها في النقاط التالية:
1 ـ أن الرئيس ولد عبد العزيز لا يستطيع الخروج من السلطة في العام 2019، وهو ما عبر عنه الوزير الناطق باسم الحكومة، ولا يستطيع في الوقت نفسه البقاء فيها من بعد انتهاء مأموريته، وهو ما عبر عنه وزير التعليم العالي. يمكنكم أن تلاحظوا بأنه لا يفصل بين هذا التناقض الحاصل في حديث الوزيرين إلا عشرة أيام فقط.
2 ـ أن الرئيس ولد عبد العزيز نتيجة للضغط الخارجي والداخلي مجبر لأن يؤكد ـ ومن حين لآخر ـ بأنه سيترك السلطة، وكان تصريحه الأخير قد جاء حسب بعض المصادر استجابة لضغط فرنسي ربط زيارة الرئيس الفرنسي بتصريحات من هذا القبيل، وربما تكون فرنسا قد أوعزت لأحد رجالها، أو لأحد منتجاتها كما وصف المعني نفسه ذات مرة، أن يستغل الفرصة وأن يثمن تصريحات ولد عبد العزيز في مقابلته مع "فرانس 24"، الشيء الذي تم خلال مهرجان تحسيسي في كرمسين. والرئيس ولد عبد العزيز مجبر من جهة أخرى على أن يؤكد بأنه باق في السلطة بعد اكتمال مأموريته، وذلك مخافة أن تهجره موالاته من قبل اكتمال مأموريته الثانية، وقد بدأت تفعل ذلك، فحتى بعض أولئك الذين تم انتخابهم مندوبين لمؤتمر الحزب الحاكم الذي كان من المقرر أن يتم انعقاده في الأسبوع الأول من شهر أغسطس ترشحوا من أحزاب أخرى الشيء الذي قد يلغي أو يؤجل على الأقل موعد المؤتمر. لقد بدأ موسم الهجرة من الحزب الحاكم، ولعل اللافت هنا هو تلك اللغة الحادة التي تحدث بها وزير الداخلية الأسبق محمد ولد معاوية للإعلان عن خروجه من فسطاط داعمي الرئيس، فمثله يمكن أن يعارض في أي وقت، ولكن أن يستخدم من كان في سنه ومن كان في رتبته (وزير داخلية سابق) تلك اللغة الحادة، فلذلك دلالته الخاصة.
إن إعادة تثبيت صور صاحب مبادرة المأمورية الثالثة، وإن حديث الناطق الرسمي باسم الحكومة عن بقاء الرئيس، إن كل ذلك هو مجرد حركات بهلوانية في الوقت بدل الضائع، فالكثير من الداعمين قد أصبح ينقب عن الرئيس القادم الذي سيخلف الرئيس الحالي.
خلاصة القول إن الرئيس محمد ولد عبد العزيز يحلم أحلام الظهيرة عندما يفكر في البقاء في السلطة من بعد اكتمال مأموريته الثانية. أما في الليل فهو يعيش كوابيس مخيفة، وذلك لأنه يعلم بأنه مجبر على الخروج من السلطة من بعد اكتمال مأموريته الثانية.
وتبقى همسة في أذن الناطق الرسمي باسم الحكومة : إنك حقا لتثير الشفقة.
حفظ الله موريتانيا..
مشاركة هذا المحتوى: